لست بيجماليون

هى: لم تضحك؟
هو: معتوه هذا البيجماليون .. أليس كذلك؟
هى: ولم؟
هو: لقد أخطأ باخراج فكرته للعامة وتحويلها لحقيقة .. ففقدها وفقد نفسه بالنهاية
هى: ولكنك أذكى منه ولا تكرر هذا الخطأ أبدا .. صحيح؟
هو: طبعا
هى: ولهذا تحبسنى هنا فى تلك المتاهة المظلمة؟
هو: أنا لا أريد ان أفقدك .. أنتِ ملكِ
هى: أعلم ذلك جيدا .. أحفظه عن ظهر قلب .. فصوتك يملأ تلك المتاهة ايضا بتلك الأوامر
هو: أنا أحبكِ
هى: ..
هو: ألم تسمعينى؟ أنا أحبك
هى: وماذا تريد منى ان أقول؟
هو: ألا تبادلينى الحب؟
هى: لا أعلم .. فأنت من يقرر كل شىء .. أنت المالك الآمر الناهى المؤلف
هو: أريدك ان تحبينى
هى: فليكن اذن .. كما تأمر
هو: ماذا حدث؟ لم أصبحتِ يهذا البرود؟
هى: وماذا تتوقع؟ أنا حبيسة ذلك الظلام منذ ان ابتكرتنى من شهور عدة وكل يوم تعيد تشكيلى من الجذور، لم أعد أعرف نفسى أو ماذا أمثل أو لم أنا مازلت موجودة فى عقلك حتى الآن. عندما ظهرت للحياة كنت أكبر أسرع من أى شىء آخر فى الوجود، كنت أتشكل كشخصية كاملة بما لها من احساس وانفعالات وصفات. وعندما أصبحت على أكمل وجه توقعت منك ان تكتبنى لأكبر أكثر وأكون حقيقة، ولكنك بدأت تلك اللعبة المملة التى تمارسها يوميا؛ تعدل فى صفاتى وشكلى ثم تعيد كتابة الحوار بعقلك بشكل كامل ومع نهاية اليوم أتوقع ان أرضيك ولكنك تبدأ من جديد فى اليوم التالى وهكذا. ان كنت لا أرضيك ولا أعجبك لم لا تتوقف؟ .. بمجرد ان تتوقف عن التفكير بى سأموت وستنهى عذابى هذا.
هو: ولكنى لا أستطيع ان أعيش بدونكِ؟
هى: فلتكتبنى اذن
هو: كلا كلا .. مستحيل
هى: ولم؟
.هو: لا أريد ان أشاركك مع أحد .. أنتِ ملكِ أنا فقط. لقد تعودت ان أتكلم معكِ وتكونِ معى طول اليوم. لو كتبتك ستموتِ، وسأفتقدكِ. لا أقدر لا أستطيع.
هى: ..
هو: أنا أحبكِ .. أرجوكِ تفهمى.
هى: ..
هو: أنا وحيد وأنتِ أروع من أفقدكِ. كلما انهيت قصة كانوا يتركونى وحيدا ولم أعد أحتمل وحدتى .. أرجوكِ لا تتركينى أنتِ أيضا. أنتِ كل ما أملك .. الجميع تركونى قبلك ولم يأبهوا بى البتة. كبرت حياتهم بدونى واستقلوا عنى، ومن آن لآخر .يأتينى شخص ليقول لى رأيه فى أبطالى وكأنى لا أعرفهم وكأنى لم أخلقهم بكل مشاعرى. هؤلاء الناس يظنوا انهم أقرب لشخصياتى منى، أسمعهم ولا أرد.
هى: ولكن أليست تلك أسعد لحظات الكاتب؟ ان يرى شخصياته فى عيون قرائه؟ ان تلامس شخصياته حياتهم؟
هو: بلى .. ولكنى الآن لا أريد سواكِ أنتِ وأريدكِ لى وحدى. لا أريد ان أشارككِ مع آخر فالآخرون يشوهون شخصياتى باسقطاتهم الشخصية، أنا لا ألومهم بالطبع وأسعد طبعا عندما تلامس شخصياتى حياتهم. لقد كتبت عشرات الشخصيات وتركونى فلو احتفظت بشخصية لى لن يتغير شيئا فى هذا العالم البائس المقفر من الحب. لست أنانيا .. ألا ترى؟ لا أحد يشعر بكِ غيرى فأنا لا أظلم أحدا أو أسرق ما ليس لى. أنتِ فكرتى أنا .. خلقتكِ لتبادلينى الحب دون غيرى. أنت لى.
هى: إلى متى؟
هو: لن أتركك أبدا .. أعدكِ. سأعيد تشكيلكِ كل يوم لتصيرى شخصية جديدة كل يوم، ستكونى دائما أروع من أى حقيقة. أعدكِ .. أعدكِ.
هى: بعد فترة ستمل منى .. ستهملنى وسأموت.
هو: سأعيد خلقكِ من جديد
هى: ألن تكتب غيرى اذن؟
هو: ااا .. ربما .. ربما لاحقا أكتب شخصيات أخرى. أتغارين؟
هى: نعم أغار
هو: ..
هى: اذا أردتنى ان أبادلك الحب عليك ان تكون فى غاية الإخلاص لى ايضا .. أليس كذلك؟
هو: لا تقلقى .. أنا لكِ يا جميلتى
هى: حسنا. أعدك ان أملأ عقلك دائما بصوتى وان أحول تلك المتاهة المظلمة السوداء إلى حديقة غناء حتى تغرق فيها تماما .. وعندما تتحول لسجينى سأعذبك أكثر .. سأقتل كل أفكارك الجديدة فى مهدها .. سأحول صرخاتهم لسكاكين تقتل وجدانك وعندها فقط ستتمنى ان تكون بيجماليون ولكن سيكون الوقت قد فات.